• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

منهج الضياء المقدسي في "المختارة"

منهج الضياء المقدسي في "المختارة"
جواد الفلاق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/5/2017 ميلادي - 10/8/1438 هجري

الزيارات: 37460

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منهج الضياء المقدسي في "المختارة"


تقديم:

الحمد لله نحمده ونستعين به ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

فقد زخر التاريخ الإسلامي بالأعلام الأفذاذ الذين صاغوا حضارته على هدي من شريعة الله تحقيقا لوعده سبحانه، والحافظ الضياء المقدسي واحد ممن هيأه الله لنصرة دينه وحفظ سنة نبيه، وإظهارها للناس غضة طرية كما فاه بها رسول الله كلى الله عليه وسلم وتناقلها أصحابه رضوان الله عليهم.


تصميم العرض:

1) ترجمة الحافظ الضياء المقدسي

2) ثناء العلماء عليه

3) في عنوان كتاب "المختارة" / زمن تصنيفها /حجمها/ مضمونها/ شرطه فيها...

4) منهج الضياء في المختارة

5) طبيعة الأحاديث التي ضمتها المختارة

6) موقف العلماء من كتاب المختارة واهتمامهم بها.

7) الأحاديث المنتقدة على الضياء.


ترجمة الحافظ الضياء المقدسي:

اسمه ونسبه ومولده

الضياء المقدسي محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبدالرحمن بن إسماعيل بن منصور، الشيخ الإمام الحافظ القدوة المحقق المجود الحجة بقية السلف ضياء الدين أبو عبد الله السعدي المقدسي الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي صاحب التصانيف والرحلة الواسعة.


ولد سنة تسع وستين وخمس مئة بالدير المبارك وهو أحد الأحياء العريقة في مدينة دمشق، وتقع من جهة جبل قاسيون.

ونشأ منذ صغره على طلب الحديث، فقد سمع وهو ابن سبع من العديد من المحدثين كأبي المعالي ابن صابر وغيره من العلماء في دمشق[1].


وفاته:

ولم يزل ملازما للعلم والرواية والتأليف إلى أن مات. توفي سنة 643 هـ بدمشق[2].

شيوخه ورحلاته العلمية

لازم الضياء المقدسي الحافظ عبد الغني، ونهل من علمه، فكان يشجعه على الطلب والرحلة، فبرع في علم الحديث الشريف حتى صار عظيم الشأن في الحفظ، ومعرفة الرجال، فكان المشار إليه في التعديل والتجريح والتصحيح والتضعيف.

 

كتب الحافظ عن أقرانه وعمن دونه، ويقال أن الحافظ كتب على ما يزيد عن خمسمائة شيخ، وإنما يدل ذلك على غزارة علمه وتنوعه، ذلك أن الحافظ لما وجد نفسه قد استنفذ علم علماء بلده دمشق، وما جاورها.

 

وإذا كانت الرحلة من لوازم طلب العلم عموما والحديث خصوصا فإن الضياء المقدسي لم يؤل جهدا في طلب الحديث، فقد رحل إلى أمصار مختلفة نذكر بعضها مع الشيوخ الذين سمع منهم:

بدمشق من أبي المعالي بن صابر، والخضر بن طاووس، والفضل بن البانياسي...

الموصل سمع من علي بن هبل. ثم همذان.... وبقي في الرحلة المشرقية مدة سنين.

مصر: سمع من أبي القاسم البوصيري، وإسماعيل بن ياسين.

أصبهان: أخذ من أبي جعفر الصيدلاني، والقاسم بن أبي المطهر الصيدلاني، وعفيفة الفارفانية، وخلف بن أحمد الفراء، وأسعد بن سعيد بن روح.

نيسابور: أخذ عن المؤيد الطوسي، وزينب الشعرية.

مرو أخذ عن أبي المظفر ابن السمعاني[3]

بغداد أخذ عن المبارك بن المعطوش، وأبي الفرج ابن الجوزي، وابن أبي المجد الحربي، وأبي أحمد ابن سكينة، والحسين بن أبي حنيفة، والحسن بن أشنانة الفرغاني وخلق كثير ببغداد[4].


تلاميذه

روى عنه خلق كثير، منهم: ابن نقطة، وابن النجار، وسيف الدين ابن المجد، وابن الأزهر الصريفيني، وزكي الدين البرزالي، ومجد الدين ابن الحلوانية، وشرف الدين ابن النابلسي، وابنا أخويه الشيخ فخر الدين علي بن البخاري، والشيخ شمس الدين محمد بن الكمال عبد الرحيم، والحافظ أبو العباس ابن الظاهري، وأبو عبد الله محمد بن حازم، والعز بن الفراء، ونجم الدين موسى الشقراوي، والقاضي تقي الدين سليمان بن حمزة، وأخواه محمد وداود، وسالم بن أبي الهيجاء القاضي، ومحمد بن خطيب بيت الأبار، وأبو علي بن الخلال، وأبو حفص عمر بن جعوان، وعيسى بن معالي السمسار[5]


ثناء العلماء عليه

قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ فِيمَا قَرَأْتُ بِخَطِّهِ: سَأَلتُ زَكِيَّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيَّ عَنْ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ، فَقَالَ: حَافِظٌ ثِقَةٌ، جَبَلٌ دَيِّنٌ، خَيِّرٌ.


وَقَرَأْتُ بِخَطِّ إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّيْنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ العِزِّ يَقُوْلُ: مَا جَاءَ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلُ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ، أَوْ كَمَا قَالَ.


وَقَالَ الحَافِظُ شَرَفُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ بَدْرٍ: رَحِمَ اللهُ شَيْخَنَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ، كَانَ عَظِيْمَ الشَّأْنِ فِي الحِفْظِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، هُوَ كَانَ المُشَارَ إِلَيْهِ فِي عِلْمِ صَحِيْحِ الحَدِيْثِ وَسَقِيْمِهِ، مَا رَأَتْ عَيْنِي مِثْلَهُ.


وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: شَيْخُنَا الضِّيَاءُ شَيْخُ وَقتِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ عِلْماً وَحِفْظاً وَثِقَةً وَدِيْناً، مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي[6].


مصنفات الضياء:

تعد مصنفات الضياء ثروتَة الخالدة وأثره الباقي، بها سمت منزلته وعلت مكانته، وقد اشتهر الضياء المقدسي بغزارة التصنيف فكثيرا ما أثنى العلماء على مصنفاته، قال الإمام الذهبي في العبر: "انتفع الناس بتصانيفه والمحدثون بكتبه"[7] وفي تاريخ الاسلام ذكر عشرة من مصنفاته ثم قال: " وله تصانيف كثيرة في أجزاء عديدة لا يحضرني ذكرها وله مجامع ومنتخبات كثيرة"[8] وقال ابن كثير: "ألف كتبا مفيدة كثيرة الفوائد"[9] وقد ذكرت المصادر أن مصنفاته بلغت " 123 مصنفا، بلغ عدد المطبوع منها 16 مصنفا، والمخطوط 57 مصنفا والمفقود 50 مصنفا" [10].

 

التعريف بالكتاب:

لقد ألف الضياء كتابه على نمط فريد تميز على التصانيف المتقدمة عنه، وهو ما ظهر في جميع الجوانب التي تمثل مزايا وسمات الكتاب، وتفصيل ذلك:

أن الكتاب لا يعد من كتب المسانيد، ولا من كتب الجوامع، وليس من كتب السنن، ولا من كتب المستخرجات، ولا من كتب المستدركات.

 

ويتميز كتاب المختارة بمجموعة من الخصائص منها:

• يتفق المختار مع المسند في الترتيب، ويختلف معه في اشتراط إخراج الصحيح.

• يلتقي مع الجامع والسنن في المضمون، ويختلف في الترتيب، كما أن السنن تختص بالمرفوع، أما هو فقد يحتوي على الموقوف أيضا.

 

أما المستخرجات، فهي وإن كان صنيع الضياء في كتابه قريبا منها، خاصة فيما يتعلق بأحاديث الصحيحين، حيث ألزم نفسه بعدم إخراج شيء منهما، وإن ما أخرجه من أحاديثهما إنما هو مستخرج عليهما غالبا، إلا أنه لم يلتزمهما، أو واحد منهما، فيخرج أحاديثه، ويراعي ترتيبه ومتونه وطرق أسانيده. حتى التعريف الآخر للمستخرج الذي هو جمع الكتاب، واستخرجه من كتب مخصوصة، والذي يبدو أنه في صورته الظاهرة مطابقا لصنيع الضياء في المختارة، إلا أن الضياء لم يجمع كتابه من الكتب فقط، بل من المسموعات والأجزاء والنسخ الحديثية الكثيرة، ولم يجمع منها إلا ما كان مسموعا له فقط، ويملك حق روايته، وله به أسانيد متصلة، كما أنه لم يجمع منها إلا ما وافق شرطه أيضا، وهنا يختلف عمله عن المستخرج.

 

أما المستدرك، فلم يذكر الضياء أنه أراد أن يستدرك على أحد الكتب، ويلتزم بشرطه في الإخراج، حتى وإن كان عمله يعتبر متمما لعمل أصحاب الصحيح، إلا أنه لم يفرد الصحيح كما أفردوه، بل ذكر أحاديث معلولة لبيان علتها.

 

لقد جمع المؤلف كل ما سبق، وربما كان ذلك لأنه جاء بعد أصحاب هذه المصنفات المتنوعة من كتب السنة، فلم يشأ أن يصير مقلدا لهم، فجدد في كتابه وفق منهج معين ألزم نفسه به، وأطلق عليه هذه التسمية من واقع عمله في تصنيفه، وانفرد بها[11].

 

عنوان الكتاب:

• المختارة:

تعددت أسماء المختارة فهكذا سماه جمع من العلماء الذين يعزون أحاديثهم إليه، منهم على سبيل المثال الإمام السيوطي في الجامع الكبير والدر المنثور وغيرهما. وكذلك سماه ابن كثير والسخاوي. وهو المشهور عند كثير من طلبة الحديث. كما ذكره المباركفوري بهذا الإسم.


• الأحاديث المختارة:

هكذا سماه الذهبي، والصفدي، وغيرهما وهكذا مثبت على بعض الأجزاء التي وصلت إلى المحقق بخط المؤلف مثل أجزاء مسند أنس بن مالك، والأجزاء 52، 53، 54 وغيرها من الأجزاء. ولقد ذكرها ابن مفلح بهذا الاسم، إذ قال: "والأحاديث المختارة.

 

وهي الأحاديث التي تصلح أن يحتج بها سوى ما في الصحيحين خرجها من مسموعاته.[12]

• الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما، هكذا سماه الكتاني. إذ قال: "وكتاب " الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما " لضياء الدين المقدسي" [13].

 

• المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، هكذا كتب عنوان المجلد الأول من هذا الكتاب، وهو بخط الحافظ شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الرحيم المقدسي، ابن أخ الضياء، وراوي هذا الكتاب عن عمه، وهكذا كتبت عناوين بعض الأجزاء مثل الجزء الحادي والخمسين، والثالث والخمسين.

 

• المختارة في الحديث: لقد ذكره حاجي خليفة في كتابه" كشف الظنون في أسامي الكتب والفنون" بهذا الاسم.

 

ويستخلص من هذا مجموعة من الملاحظات منها:

• أن الاسم الذي أطلقه الكتاني في رسالته المستطرفة، ولم يتابعه عليه أحد، أنما أطلقه حسب مضمون الكتاب، فأضاف إليه كلمة "الجياد" معتمدا على ما جاء في مقدمة الضياء" فهذه أحاديث جياد" كما أن من عادة العلماء أن ينقلوا أسماء الكتب حسب مضامينها.

 

• أن الاسم الذي تضمن لفظ المستخرج، وكتب على صفحة العنوان، فهو ليس من وضع الضياء لأمور منها:

♦ أن الخط الذي كتب به العنوان، يختلف عن الخط داخل الكتاب مما يرجح أن هذا من عمل النساخ أو المالكين لهذا المخطوط حيث أضيف إلى الأجزاء المكتوبة بخط الضياء.

وعنوان الأحاديث المختارة لا تعدو أن يكون اختصارا عمد إليه الضياء، وتبعه عليه كثير من العلماء.

ويبدو أن العنوان الذي يناسب هذا الكتاب هو "الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما" فهو يناسب مقصد المؤلف الذي بينه في مقدمته[14] التي قال فيها: فهذه أحاديث جياد اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم. . . "[15]

 

حجم الكتاب:

لقد توفي الضياء رحمه الله قبل أن يتم كتابه، ومجموع ما اخرجه منه هو 86 جزءا حديثيا تبدأ بأحاديث العشرة المبشرين بالجنة، وجاءت في 15 جزءا حديثيا، ثم من يبدأ اسمه بحرف "الألف" من الصحابة إلى من يبدأ اسمه بحرف "العين". وآخر ما أخرج منه مسند أنس بن مالك حيث أخرجه الضياء مستقلا في مجلد واحد، وبترقيم مستقل عن باقي المختارات، يبدأ بالجزء الأول، وينتهي بالجزء رقم 13. وعليه فإنه بعد أن انتهى من تصنيف مسانيد العشرة المبشرين بالجنة في الجزء 15. بدأ بترقيم الأجزاء مستثنيا مسند أنس". ولقد كتب ذلك بخط الحافظ الضياء رحمه الله على عدة أجزاء من الكتاب. [16].


زمن تصنيف الكتاب:

يدل استثناء مسند أنس بن مالك من المسانيد الأخرى على أن تصنيف الضياء إياه كان سابقا لتصنيف باقي المختارة، ويؤيد ذلك أن أقدم سماع وجد على المختارة كان على الجزء الأول من مسند أنس، وذلك سنة 632ه. وفي المقابل، فإن أقدم سماع كتب على مسند العشرة المبشرين بالجنة كان سنة 635هـ مما يؤكد أن الضياء أفرد مسند أنس بالتصنيف أولا، ربما لأنه من المكثرين لرواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن مسنده من أكبر المسانيد التي أخرجها الضياء في المختارة، وربما أراد أن يبدأ بالترتيب بالحروف الهجائية، ثم رأى أن يقدم مسانيد العشرة تأسيا بالإمام أحمد، أو لحكمة أخرى أرادها.[17].


ما وصلنا من الكتاب:

لم تصلنا الأجزاء الحديثية التي أخرجها الضياء من المختارة كاملة، بل فقد منها حوالي 35 جزءا حديثيا (تبدأ من الأجزاء 16 إلى 50) وفيها مسانيد الصحابة التي تبدأ بحرف الباء إلى أثناء حرف الصاد، ولم يصلنا من المختارة إلا نسخة واحدة محفوطة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، وعلى هذه النسخة اعتمد محققوا الكتاب.

 

تقول الدكتورة حسناء بكري: "وقد بحث عن الجزء المفقود في فهارس المكتبات، وفي بطون الكتب، فوقفت على نسخ أخرى أشارت إليها بعض المراجع، وذكرت أنها موجودة في مكتبات حول العالم، بيد أنه لم يتم العثور عليها كاملة[18].

 

مضمون الكتاب وشرط مؤلفه فيه:

قدم الضياء لكتابه بمقدمة صغيرة بين فيها مضمون الكتاب، وشرطه فيه، فقال بعد البسملة والبعدية" فهذه أحاديث اخترتها مما ليس في البخاري ومسلم إلا أنني ربما ذكرت ما أورده البخاري معلقا، وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد، لها علة، فتذكر لبيان علتها“[19].

 

اشترط الحافظ في كتابه أن يخرج أحاديث مقبولة ليست في الصحيحين، فقد انتخب من مسموعاته أحاديث صحيحة أو حسنة مما يصلح أن يكون حجة عند الأئمة العلماء، ولقد وصفت أحاديثه بالصحة أو الحسن لظهور ذلك بالتتبع، وكذا وصف الأئمة للحديث إذا أخرجه الضياء بأن يقولوا صححه الضياء المقدسي على الرغم من كونه لم يصرح لا بصحته، ولم يتعقبه بتضعيف أو تعليل.

 

ومن ذلك حديث "اللهم أحيني مسكينا وتوفني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين".

قال ابن الجوزي وابن تيمية أنه موضوع. فقال ابن حجر: وليس كذلك بل صححه الضياء في المختارة.[20]

وبالرجوع إلى المختارة لم يعقب الضياء على هذا الحديث بقول.

وهذا يدل على أن مجرد تخريجه للحديث من غير أن يعلق عليه أن يضعفه أو يعله، فهو دال على صحته.

 

كما اخرج الضياء الأحاديث المعلة، ولقد ساغ له إخراجها لأمور منها:

• جودة أسانيدها، وكونها صحيحة في الظاهر.

• بيان علتها وكشف أمرها.

• مناقشة هذه العلة، وذكر أقوال العلماء فيها، والتوصل إلى الجمع بينها أو ترجيح ما يراه راجحا منها... أو دفع هذه العلة بالأدلة والبراهين، أو تركها لينظر فيها القارئ.

 

وعليه فإن الحكم العام على أحاديث المختارة بالصحة، لن ينطبق على جميع أفراد هذا العموم، لأن من أحاديثها ما هو معلل أتى به للمعارضة، ويحتاج إلى التأمل والدرس حتى يتبين للقارئ رأي الضياء في كل رواية يريد الحكم عليها، وسيجد القرائن التي تساعده على إطلاق هذا الحكم سواء بالصحة أو بغيرها.

 

وعليه فإن في المختارة الصحيح لذاته والصحيح لغيره، وهما الغالبان على أحاديثه، والحسن لذاته والحسن لغيره، وفيها الضعيف والمعل والشاذ أيضا، وكلها لا تخرج عن شرط الضياء في مقدمته الصغيرة الحجم الكبيرة المضمون [21].

 

منهج المؤلف في الكتاب:

منهجه في رواية الأحاديث وبيان طرقها:

سار الضياء على طريقة المحدثين في التأليف، فروى الأحاديث في كتابه بأسانيدها، وهو ما يسمى بالإخراج، لأن رواية الحديث مسند يبين مخرج الحديث أي الطريق التي أتى منه هذا الحديث وروي به. وهو يعد من آخر من روى الحديث، وصنفه على هذه الصفة من المحدثين، متفردا بأحاديث لم يصححها غيره.

 

أما طريقته في رواية الحديث هي أن يترجم لاسم الصحابي صاحب المسند الذي سيروي أحاديث فيه، فيقول مثلا" أحاديث خليفة رسول الله أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن لؤي القرشي، أبو بكر الصديق التيمي رضي الله عنه، وهي في ذلك يقدم الإسناد على المتن، وقد يروي الحديث من طرق عدة، أو يشير إلى متابعاتها وشواهدها، حتى إذا انتهى من ذلك بدأ بتخريج تلك الطرق مجتمعة، أو يعزو كل رواية على حدة، ثم يبين عللها إن وجدت، ويعلق على رواتها إن احتاج الأمر، وينثر خلال ذلك الكثير من الفوائد مفتتحا إياه بقوله" قلت" ويختتمها بقوله "والله أعلم". فإذا انتهى من رواية الحديث بدأ بحديث آخر، وكتب بينهما كلمة "آخر" وهي تدل على متن جديد ضمن رواة صاحب الترجمة نفسه.

 

وهو في كل ما سبق يهدف إلى حشد الأدلة على صحة روايته، ونفي علتها أو بيانها إن كانت معلولة، ومن خلال ذلك تظهر براعته في الصناعة الحديثية، حيث ذكر علوما قل وجودها مجموعة في كتاب غيره.

 

منهجه في رواية الأسانيد:

لقد أولى الضياء الإسناد ما يستحقه من العناية بطرق الحديث الواحد، وبين اختلاف الرواة واتفاقهم، وضمنه الكثير من الفوائد الإسنادية، وقد تنوعت طرقه في عرض الأسانيد، وتعددت، وكان له في روايتها عدة طرق منها:

• إفراد كل إسناد مع متنه، وهو الغالب.

• تعداد الأسانيد، وذكر المتن عقب الإسناد الأول.

• جمع الأسانيد المتعددة في سياق واحد.

• وضع الضياء لنفسه منهجا خاصا في التعليق على الأحاديث يتناسب وشرطه في الكتاب، وهو اختيار الصحيح، وما ظاهره الصحة إلا أنه لا يخلو من علة، فكانت تعليقاته تخدم هذين الهدفين الأول منهما اقتضى منه حشد الأدلة على صحة الحديث إن لزم الأمر، والثاني اقتضى منه ذكر الأدلة على وجود العلة، وبيانها إن كان معلولا، وذلك من خلال:

منهجه في التعليق على الأحاديث:

منهج الضياء في رواية الأحاديث المعللة:

استوفى الحافظ الضياء البحث عن علل الحديث موفيا بذلك ما ألزم به نفسه من إخراج أحاديث جياد. بيد أنها لا تخلو من علة، فيذكرها لبيان علتها حتى تُعرف، ويبين للقارئ درجتها وقيمتها العلمية، وهو أمر يتطلب سعة في الحفظ، وسعة في المرويات، وإحاطة بكثير من المصنفات الحديثية، وإلماما تاما بأحوال الرواة، إضافة إلى الملكة النقدية التي تمنح الحافظ الثقة من أحكام اتجاه بعض المرويات. وهذه المرويات قلما تتفق للمحدث الحافظ، فتجعله نجما ساطعا في علم العلل. وهو ما أنعم الله به على الضياء.

 

ومن أمثلة هذا القسم (جودة الإسناد ووجود العلة) حيث روى الحديث من وجهين مرفوع وموقوف، ثم رجح الرفع لوجود متابع له:

فقد أخرج من طريق النسائي قال: أنبئنا قتيبة، أنبأ أبو عوانة عن أبي يعفور، قال: سألت أنس بن مالك عن المسح إلى الخفين فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عليهما".

 

وإسناد هذا الحديث صحيح إلا أن فيه علة ذكرها الضياء بعد ذلك بقوله"قيل رواه سفيان بن عيينة، وحجاج بن منهال، عن أبي عوانة موقوفا ثم ذكر أن هناك راويا آخر تابع قتيبة على رفع الحديث فقال: قلت وقد رفعه نعيم الهيصم" ثم ساق الرواية بإسناده من طريق نعيم بن الهيصم عن أبي عوانة، عن أبي يعفور مرفوعا بمثل حديث قتيبة ثم عزا الحديث إلى من خرجه من أصحاب المصنفات المشهورة فقال: رواه أبو حاتم عن حبان في كتابه عن محمد بن الجنيد، عن قتيبة.

 

والضياء عندما يشير إلى علة الحديث يستند إلى أقوال الأئمة المتقدمين في الرواية، وينقلها في كتابه، وقد يتفق معها، ويوفق بينها، وقد يخالفها، بحسب ما يظهر له من الأدلة أو يتوقف فيها، أو يتركها للقارئ حتى يفكر فيها. ولقد أكثر من النقل عن إمام العلل الحافظ الدارقطني، فهو ينقل كلامه في كل قضية يجد له فيها رأيا، إذا لم يجده نص عليها، يعلق على ذلك قائلا" لم يذكر الدارقطني في ذلك شيئا". وقد يرجح ما رجحه، وقد يخالفه، وقد ينقل قوله ولا يعقب عليه بأي تعليق.

 

لا تفوت الضياء أقوال أئمة النقد الآخرين، ومنهم الإمام البخاري، الترمذي، وابن خزيمة، والطبراني والنسائي... ولقد أعل الضياء الأحاديث بالعلل الظاهرة من قيبل انقطاع السند، كما أعلها بالعلل الخفية من قبيل الاختلاف بالزيادة والنقص، والاختلاف بالوقف والرفع، والاختلاف بالوصل والإرسال، كما أعل بعضها بعلل غير قادحة كالمزيد في متصل الأسانيد[22].

 

طبيعة الأحاديث التي ضمتها المختارة:

• أحاديث ليس لها أصل في الصحيحين، وهذا الغالب على كتابه.

والحافظ الضياء إذ يخرج ما لم يخرجه الشيخان، فإنه لا يذكر ذلك بلفظ الإلزام كما صنع الإمام الدارقطني، ولم يقل إن الحديث على شرطهما، ولم يخرجاه، كما صنع أبو عبد الله الحاكم، ولكن ربما أخرج الحديث ثم يذكر قول الدارقطني في إلزام البخاري ومسلم تخريجه في كتابيهما.

 

• أحاديث لها أصل في الصحيحين أو أحدهما.

ومنهجه في ذلك أن يروي الحديث ثم يقول: له شاهد في الصحيح من حديث الصحابي فلان. ولا يرى خلود محمد الحسان أن مقصد الضياء الوحيد هو تقوية الحديث بدليل أنه يخرج الحديث الصحيح ثم يذكر شاهده عند الشيخين، وإنما له مقصد في الدلالة على أن الحديث مخرج ولا يتنافى ذلك مع شرطه المتقدم وهو ألا يختار أحاديث مخرجة في الصحيحين، وإنما يعني ليست مخرجة بنفس المتن والصحابي والراوي المخرج له في الصحيح.

 

• فقد أخرج باسناد صحيح من طريق عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله الملائكة والناس أجمعين... ثم قال الضياء: له شاهد في صحيح البخاري من رواية يزيد بن شريك التيمي عن علي.

 

وأخرج بإسناد لا بأس به من طريق أبي العلاء بن عبد الله بن الشخير عن أبيه قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه".

قال الضياء له شاهد في الصحيح من حديث أنس بن مالك.

 

• أحاديث في الصحيحين أخرجها الضياء لأجل زيادة لفظة أو نحوها ليست فيما أخرجاه، إذ إن الأصل ألا يخرج الضياء ما أخرجه الشيخان بالمتن والصحابي راوي الحديث نفسه تبعا لشرطه الذي سبق ذكره، لكن ربما أخرج ما أخرجه لزيادة لفظة أو ذكر لقصة الحديث أو نحو ذلك مما ليس في روايتهما. وتخريج الضياء هذا الضرب من الأحاديث لا يتعارض وشرطه، لكن مما ينبغي التنبيه عليه تنبيهان:

♦ يجب على المحدث ألا يبادر إلى وصف الزيادة حتى تكون مخرجة وموجودة في خصوص رواية البخاري مثال ذلك ما أخرجه الضياء من طريق سليمان الأحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".

 

• فقال الضياء: قصدنا من هذا الحديث "وعلمه التأويل" وأما قوله فقهه في الدين فقد أخرج في الصحيحين.

• قال ابن حجر: وهذه اللفظة اشتهرت على الألسنة اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب.

قال الحميدي وهذه الزيادة ليست في الصحيحين.

أن الشيخين لا يتركان غالبا تلك الزيادة إلا لسبب كان يكون راويها متقاعدا عن شرطهما.[23]

 

• أحاديث يخرجها وقد ذكرها البخاري تعليقا:

ذكر البخاري مجموعة من الأحاديث المعلقة في جامعه الصحيح، ولقد ذكرها الضياء مسندة دون أن يتابع البخاري على تعليقه.

مثال:

فقد ذكر البخاري تعليقا وقال عبيد الله عن ثابت، عن أنس، رضي الله عنه، كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح ب - ﴿ قل هو الله أحد ﴾ حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمه أصحابه فقالوا إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى فقال ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة فقال إني أحبها فقال حبك إياها أدخلك الجنة.

 

ولقد أخرجه الضياء من مسند أبي يعلى الموصلي نا مصعب الزبيري نا عبد العزيز بن محمد عن عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس فذكر الحديث.

 

وأخرجه الترمذي عن محمد بن إسماعيل البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس عن عبد العزيز وقال حديث حسن غريب صحيح. من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت.[24]

 

• الأحاديث المعلة في المختارة:

لقد خرج الضياء إثنى عشر وثلاثمائة حديثا لرواة حكم عليهم ابن حجر بالمقبولين. ولقد روى حديثين أخرجهما وفيهما علة، وهي علة عند غيره، لكنه لم يعدها، فلو ثبتث لما قدح ذلك في المختارة، إذ أن مقصد الضياء هو تخريج أحاديث معلة في كتابه لبيان علتها، وخير ما يدل على ذلك قوله في مقدمة كتابه: " وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد لها علة، فنذكر بيان علتها حتى يعرف ذلك".

 

وغالب الغالب فإن ما ذكره الضياء من العلل إنما ينقله عن أحد أئمة العلل، ثم يقر ما ذكره من علة في الحديث وربما تعقبه. وأكثر نقولاته في العلل عن الإمام الدارقطني. وربما نقل عن الترمذي وابن أبي حاتم العلل غير القادحة في صحة الحديث عند الحافظ الضياء المقدسي.


من خلال التأمل لطائفة من أحاديث كتاب المختارة لضياء الدين المقدسي يتبين أن فيها علة قادحة في صحة الحديث في حين يبين الحافظ الضياء أن مثل تلك العلل لا تحول بين الحديث وبين الحكم بصحته أو حسنه لأنها أحوال محتملة الوقوع جدا. ومن أبرز صور دفع العلل عنده ما يلي:

• دفع العلة عن الحديث بأن يكون المحدث ربما سمع الحديث من شيخ ثم سمعه من شيخ آخر، فلا تعل إحدى الروايتين بالأخرى، ومثاله:

ما أخرجه الضياء من طريق زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج يريد أن يفرق بين أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه:

قال الضياء: قال الطبراني: هكذا رواه زيد بن عطاء بن السائب، عن زياد بن علاقة، عن أسامة، والصواب عن عرفجة.

قال الضياء:قال أبو حاتم الرازي زيد ليس بالمعروف، رواه جماعة عن زياد بن علاقة عن عرفجة بن شريح.

قال الضياء ولعله سمعه منهما والله أعلم.

 

• دفع العلة عن بعض الأحاديث التي تروي متصلة تارة، ومرسلة تارة أخرى:

ومثاله:

• ما أخرجه من معجم الطبراني من طريق عبد الله بن الزبير الباهلي- ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال"ما تحاب رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه.

• قال الطبراني: لم يروه عن ثابت إلا عبد الله بن الزبير.

• قال الدارقطني رواه حماد بن سلمة عن ثابت مرسلا قال وهو الصواب.

• قال الضياء: روى سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس جاء رجل من أهل البادية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من خلق السماء فقال الله " رواه مسلم في صحيحه من رواية سليمان هذا عن ثابت وقد خالفه حماد بن سلمة فرواه عن أنس مرسلا فلم يضره [25].

 

• دفع العلة عن الحديث باحتمال كون الصحابي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه تارة عن صحابي آخره عن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ومن ذلك ما أخرجه الضياء من طريق محمد بن رمح أنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن سعيد بن زيد أنه سمعه يقول إن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أوصني قال أوصيك أن تستحي الله عز وجل كما تستحيي رجلا صالحا من قومك.

 

• قال الضياء: سئل عنه الدارقطني فقال حدث به يزيد بن أبي حبيب واختلف عنه فرواه الليث بن سعد عن يزيد عن أبي الخير عن سعيد بن زيد أو سعد بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه عبد الحميد بن جعفر فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن سعيد بن زيد عن ابن عم له قال قلت يا رسول الله أوصني الحديث وقول عبد الحميد بن جعفر أشبه بالصواب[26].

قال الضياء: وهذه رواية الصحابي عن الصحابي صحيحة فلا يؤثر ذلك فيه والله أعلم.

 

موقف العلماء من كتاب المختارة وجوانب اهتمامهم بها:

أقر العلماء بتصحيح الضياء في المختارة، وعدوا كتابه من كتب الصحيح، وأثنوا على شرطه فيه، ووازنوه بشرط الحاكم في المستدرك، ورجحوه عليه، وقالوا بأنه خير من شرطه، وأن تصحيحه أعلى مزية، وأنه قريب من تصحيح الترمذي، وابن حبان، وسلموا له فيه أحاديث قليلة انتقدت عليه، ويدل على ذلك أمران:

1- أقوال العلماء في الكتاب:

ذكر ابن تيمية أن: "تَصْحِيح الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيَّ فِي مُخْتَارِهِ خَيْرٌ مِنْ تَصْحِيحِ الْحَاكِمِ فَكِتَابُهُ فِي هَذَا الْبَابِ خَيْرٌ مِنْ كِتَابِ الْحَاكِمِ بِلَا رَيْبٍ عند من يعرف الحديث، وتحسين الترمذي أحيانا يكون مثل تصحيحه أو أرجح"[27].


وذكر الزركشي أيضا أن تصحيحه أعلى مزية من تصحيح الحاكم صاحب المستدرك. وقال الذهبي عن درجة احاديثه المختارة: " هي الأحاديث التي تصلح ان يحتج بها سوى ما في الصحيحين "[28].


وقال الحافظ ابن كثير في ترجمته لضياء الدين المقدسي"... وألف كتبا مفيدة حسنة كثيرة الفوائد، من ذلك كتاب الأحكام ولم يتمه، وكتاب المختارة وفيه علوم حسنة حديثية، وهي أجود من مستدرك الحاكم لو كمل" البداية والنهاية.

 

وقال السخاوي في شرح ألفية العراقي: "وكذا من مضان الحديث الصحيح المختارة مما ليس في الصحيحين أو احدهما للضياء المقدسي، وهي أحسن من المستدرك".

فأسانيده إذن تدور بين الصحة والحسن، وما يذكره من الضعيف فإنه من قبيل الشواهد والمتابعات.


وقد اقتضب الضياء في بيان منهجه وشروطه في كتابه فقال: " فهذه أحاديث اختترتها مما ليس في البخاري ومسلم إلا أنني ربما ذكرت ما أورده البخاري معلقا وربما ذكرنا أحاديث بأسانيد جياد لها علة فنذكر بيان علتِها حتى يعرف ذلك"[29].


2- احتجاجهم بآحاديثه:

وأما صنيعهم فيه، فقد استشهدوا بأحاديثه على وجه يعلم بصحته يدل على أن المختارة عندهم صحيحة قولا وعملا. ففي مؤلفات ابن تيمية، يستشهد بأحاديث المختارة، ويؤكد صحتها بأقواله.

جوانب اهتمام العلماء بالمختارة:

الانتقاء منه:

• اعتنى الحافظ الذهبي بكتاب المختارة، فانتقى منه كتابا سماه" المنتقى من المختارة" سمعه الحافظ ابن حجر، وذكره في كتابه المجمع المؤسس، ويبدو أنه مفقود.

 

• وقال الشريف حاتم بن عارف العوني: ... من جهود العلماء حول هذا الكتاب أن الذهبي اختصره في كتاب سمَّاه "المنتقى من المختارة "[30].

 

التأليف في أطرافه:

قال د. الشريف حاتم بن عارف العوني في معرض حديثه عن جوانب اهتمام العلماء بالمختارة:.. "أيضًا من عنايتهم به تأليف في أطرافه ؛ يعني ترتيبه على الأطراف، وقد ألَّف الحافظ كتاب "الإنارة في أطراف المختارة" لكن هذا الكتاب من كتب الحافظ بن حجر المفقودة التي لا يُعرف عن مكان وجودها شيء“[31].

 

الأحاديث المنتقدة على الضياء، والأوهام الواقعة في كتابه:

1- الأحاديث التي انتقدت على الضياء:

سبق القول أن العلماء وسموا كتاب المختارة بالصحة وفقا لما أرد منه مؤلفه، معتبرين هذا الكتاب من مضان الصحيح، حيث سلم له فيه تصحيحه، ولم ينتقد عليه إلا أحاديث يسيرة، ومن ذلك ما قال نور الدين عتر: " لكن انتقد على الكتاب تصحيح أحاديث لا تبلغ رتبة الصحة، بل ولا رتبة الحسن، نبه العلماء في شروح كتب الحديث عليها لمناسبة تخريجها. ومن ذلك حديث: "ركعتان من متأهل خير من اثنتين وثمانين ركعة من العزب". رواه تمام في فوائده، والضياء في المختارة عن أنس. قال السيوطي في اللآلئ المصنوعة: "أخرجه من طريق بقية الضياء في المختارة، لكن تعقبه الحافظ ابن حجر في أطرافه، فقال: هذا حديث منكر ما لإخراجه معنى".[32].

وقال الذهبي في الميزان: "باطل".

هذا ما تيسر لنا جمعه عن كتاب المختارة للضياء المقدسي.

 

والسلام عليكم ورحمة الله الذي به تتم الصالحات

 


[1] سير اعلام النبلاء. شمس الدين الذهبي، تحقيق شعيب الأرنؤوط. ج. 23. ص. 126.

[2] الاعلام للزركلي. ج. 6. ص. 255.

[3] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث، حسناء بكري أحمد نجار، ص. 109 / 128.

[4] سير أعلام النبلاء. 43/ 129.

[5] سير اعلام النبلاء. ج. 23. ص. 129.

[6] سير اعلام النبلاء. ج.43/ ص. 131.

[7] العبر في خبر من غبر.3 /248.

[8] الذهبي. تاريخ الاسلام. 18/ 135.

[9] ابن كثير. البداية والنهاية. 13/ 170.

[10] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث، حسناء بكري أحمد نجار، ص. 162

[11] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث، ص. 164

[12] لمقصد الارشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد، بن مفلح/ مقدمة المختارة.

[13] محمد بن جعفر الكتاني. الرسالة المستطرفة. ص. 16.

[14] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. ص.168

[15] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. ص.168

[16] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. 169

[17] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. ص. 169.

[18] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. ص. 170

[19] الضياء المقدسي. المختارة. تح: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش 1 /70.

[20] زين الدين محمد المناوي فيض القدير شرح الجامع الصغير. 2 /130

[21] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث.ص. 175 /176.

[22] الضياء المقدسي وجهوده في علم الحديث. ص. 229

[23] المختارة،ج 4 /. فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، ج7. هدي الساري شرح مقدمة صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني.

[24] صحيح البخاري، ج1/ الجامع الصحيح سنن الترمذي، محمد بن عيسى الترمذي، ج 5.

[25] الراوي المقبول عند ابن حجر، من ص 11’ إلى 120، بتصرف. المختارة، الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد الحنبلي المقدسي المشهور بالضياء المقدسي، عبد الملك بن دهيش ج2 ، ص 314.

[26] المعجم الكبير للطبراني، ج1/ المختارة، ج 2.

[27] ابن تيمية الفتاوى الكبرى. 2 /176.

[28] تاريخ الإسلام للذهبي (ج 10 / ص 333.

[29] مقدمة كتاب الأحاديث المختارة. تح. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش.

[30] مصادر السنة ومناهج مصنفيها،د. الشريف حاتم بن عارف العوني. ص. 13

[31] مصادر السنة ومناهج مصنفيها،د. الشريف حاتم بن عارف العوني. ص. 13

[32] نور الدين عتر منهج النقد في علوم الحديث، ص. 259.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العيدين من العمدة في الأحكام لتقي الدين المقدسي
  • المقدسي (تراجم قصيرة)
  • الأحاديث العوالي والمسلسلة من أسانيد الضياء المقدسي

مختارات من الشبكة

  • الضياء المقدسي من العلماء العاملين(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ذكر الأوهام في المشايخ النبل(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة أحوال الإمام ابن قدامة المقدسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة جزء فيه أحاديث عوالي وحكايات وأشعار لضياء الدين المقدسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ثبت مسموعات الحافظ ضياء الدين المقدسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة من عوالي حديث الحافظ ضياء الدين المقدسي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • أولويات التربية "عقيدة التوحيد"(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • سيد المناهج (المنهج الوصفي)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مدلول المنهج والتواصل والحوار اللغوي والاصطلاحي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لا إله إلا الله: منهج حياة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب